في إطار فعاليات جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم التي تزين أمسيات دبي الرمضانية بأنوارها الإيمانية ونفحاتها الربانية يزداد العرس القرآني في دبي تألقا وروحانية وزخماً يوماً بعد يوم بالحضور الجماهيري المكثف الذي تمتلئ به قاعات غرفة تجارة وصناعة دبي وجمعية النهضة النسائية ضمن فعاليات الدورة الثانية والعشرين "دورة زايد" والتي تقام برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، بحضور سعادة المستشار إبراهيم محمد بوملحه مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الثقافية والإنسانية رئيس اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم والدكتور سعيد عبدالله حارب نائب رئيس وأعضاء اللجنة المنظمة للجائزة، وحضور ممثلي رعاة الأمسية الثالثة دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي ومجموعة السركال.

 

وفي لقاء مع ممثل مجموعة السركال أحد رعاة أمسية اليوم الثالث للجائزة قال فهد السركال رئيس الشؤون القانونية: إن مجموعة السركال تحرص على رعاية جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم والمشاركة في أمسياتها القرآنية منذ سنوات، وهم سعداء بالمشاركة في رعاية الدورة 22 "دورة زايد" التي تتوافق مع مئوية صاحب السمو الشيخ زايد - طيب الله ثراه - صاحب الأيادي البيضاء في خدمة كتاب الله ومشاريع تحفيظ القرآن الكريم.

وقدم السركال شكره لرئيس وأعضاء اللجنة المنظمة لجهودهم المباركة في نجاح هذا العرس القرآني الرمضاني الذي تباركه آيات الرحمن في أروقة غرفة التجارة والتي تصدح بها أصوات حفظة كتاب الله من أنحاء العالم في أجواء دبي، وإنه لشرف لكل المشاركين في المسابقة بشهاداتهم بأنفسهم وفوزهم بالمشاركة لكون جائزة دبي من أفضل وأكبر الجوائز القرآنية على المستوى الدولي.

وألقى فضيلة الدكتور عمر عبدالكافي محاضرة بعنوان "بالمؤمنين رءوف رحيم" ضمن فعاليات الجائزة التي تقام في قاعة غرفة تجارة وصناعة دبي، مستهلة بتقديم شكره وامتنانه لرئيس وأعضاء اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم لجهودهم المباركة والمبذولة في خدمة كتاب الله وحفظته وإعلاء كلمة الله، وأشار في حديثه إلى معاني الإنسانية والرحمة التي تجسدت في رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه رب العزة جل وعلا "وإنك لعلى خلق عظيم" وشرف به كوكب الأرض في تعامله مع الكونين كون الله المسطور وكون الله المنثور، وذلك بعد أن جهز الحق جل وعلا كوكب الأرض وتمهيده لآدم عليه السلام بقوله للملائكة: "إني جاعل في الأرض خليفة"، فجاء الناس من آدم عليه السلام وذريته على قدر الأرض باختلاف طبائعهم حتى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم الذي سَنوَنَ المعاني وقَرأَنَ التصرفات وسار على نهجه الصحابة الكرام والتابعون وتابعو التابعين ليصيروا كمرآة لكتاب الله وهديه صلى الله عليه وسلم في إنسانيته العليا وتعامله مع المنثور من باب التسخير ثم التعمير لهذا الكون الفسيح، مشيرا إلى الرحمة التي يتعامل بها مع الآخرين "بالمؤمنين رءوف رحيم"، وأخذا بالأعذار "التمس لأخيك ولو سبعين عذرا"، والتعامل بالإحسان "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون".

كما نصح الدكتور عمر عبدالكافي بحسن الظن بالناس والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وترك الجدال العقيم الرفق والتعامل بالرحمة والرفق مع كافة المخلوقات "ما كان الرفق في شئ إلا زانه وما نزع من شئ إلا شانه"، وقال كن كالنحلة التي أوحى الله إليها لا تأكل إلا طيبا ولا تعطي إلا طيبا وإن وقفت على غصن لم تخدشه أو تكسره، وقال إنه ينبغي أن نتقرب إلى الله تعالى بالسجود "واسجد واقترب"، ونجأر إليه بالدعاء والأعمال الصالحة في كل أحوالنا لتفريج الكربات، وضرب مثلا بالثلاثة أصحاب الكهف الذي سقطت على مدخله صخرة كبيرة فأغلقته عليهم وحبسوا به فتقربوا إلى الله بأعمالهم الصالحة ليزيح الله الصخرة وخرجوا يمشون، وحول استحباب الدعاء الذي أمر به الحق جل وعلا في قوله "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" أشار إلى سؤال رجل لصاحبه: أتعرف رجلا مستجاب الدعاء؟ قال: لا ولكنني أعرف من يستجيب الدعاء.

وفي ختام المحاضرة قام سعادة المستشار إبراهيم محمد بو ملحه مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الثقافية والإنسانية رئيس اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم وأعضاء اللجنة بتكريم فضيلة الشيخ المحاضر وتكريم رعاة المسابقة وتبادل الدروع التذكارية والتقاط الصور الجماعية في هذه المناسبة الكريمة، كما تم السحب على كوبونات الجمهور بعدة جوائز نقدية وهدايا عينية مهداة من الجائزة لجمهور الحضور.

وتحدث فضيلة الدكتور محمد إمام داوود في محاضرته عن "التيسير ورفع الحرج من أهم مقاصد الشريعة الاسلامية" كمنهج اسلامى وذلك بحضور عدد كبير من الجمهور النسائي المتابعات بالمحاضرات الدينية اللائي امتلأت بهن قاعة جمعية النهضة النسائية بدبي، وأشار فضيلة الشيخ إلى أن التيسير هديٌ رباني لقوله تعالى " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" وهو اختيار نبوى لقوله صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا"، فالتيسير له مقاصد نبيلة تمكن الإنسان من إتمام العبادة على حب دون ملل أو مشقة حتى يجد الإنسان أثر العبادة في قلبه ونفسه وأخلاقه.

وقال فضيلته إن التيسير من أهم مقاصد الشريعه الاسلاميه فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى الأخذ بالأيسر، وروي عن عائشة رضى الله عنها قالت "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه"، وقال الشيخ إن القواعد الفقهية والأصولية فى التشريع الإسلامى محققة للتيسير بأمور بمقاصدها أولها النية لقول النبى صلى الله عليه وسلم "إن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى"، والقاعدة الثانية الأصل فى الأشياء الإباحة لقوله تعالى "قل من حرم زينة الله"، ونوه الشيخ داوود عن حكمة التحريم وهى ليست للحرمان وإنما للحماية، وأن الضرورات تبيح المحظورات لقوله تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه"، ومؤكدا أن المشقة تجلب التيسير لقوله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، والتيسير يضم جميع أعمال المكلفين فالإمام إذا صلى بالناس يخفف، وعن الدعاة قال تعالى "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، وأوضح الشيخ تجليات التيسير قائلا إن مظاهره فى التشريع مرتبطه بعدة مراحل اولها سنة التدرج فى الصيام والصلاة والزكاة، وكذلك فى تحريم الخمر على مراحل رعاية لعادات الناس، والتيسير فى العبادات مثل الطهارة فقد شرع لها التيمم والمسح على الخفين وفى الصلاة شرع الصلاة قاعدا وقصر الصلاة، والجمع فى السفر، وفى الصيام شرعت فدية عمن لم يستطع الصوم، وفى الحج مرة واحدة فى العمر، وإن لم يستطع فلا يحج ويمكن الانابة عن الغير فيها، وكذلك التيسير فى الفتوى فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يُسألُ السؤال الواحد مرات عديدة من أناس مختلفين، وكان يعطى إجابات متعددة بحسب حال السائل كل هذا رحمة من الله بعباده فالله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر.

 


 

الرعاة